السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فن صناعة الأوقات الحلوة بين الزوجين
يستغل بعض الأزواج حكم الشرع استغلالاً لا يتفق مع الدين والعقل ومنطق الحياة فيحكمون على زوجاتهم بالسجن داخل البيوت لا يأذنون لهن بالخروج ، فهم في شغل دائم عن زوجاتهم وعن الإنصات إلى شكواهن ومطالبهن ، فالزوج يقضي معظم نهاره وجزءاً من الليل خارج البيت ، والزوجة - خاصة إذا لم تكن موظفة - تقضي كل وقتها داخل البيت في فراغ رهيب وملل قد يؤدي بالبعض إلى الاكتئاب إذا لم تجد في عطلة الأسبوع متنفساً تشم فيه هواء نقياً ، ومروحاً تجدد فيه حركة دمها بصحبة زوجها.
ومن هنا نجد أن أغلب زوجاتنا ينتظرن ليلتي الخميس والجمعة بفارغ الصبر ليتفرغ لها زوجها ولأطفالها سويعات في فسحة بالسيارة أو نزهة في حديقة أو وجبة خفيفة أو ثقيلة في مطعم يسرح ويمرح فيه الأطفال جانباً وينتحي فيه الزوج بزوجته جانباً يتساران بأحاديث لم تمكنهما مشاغل أيام الأسبوع بالتشاور فيها أو يستعيدان ذكريات حلوة تجعل الزوجة تشعر أنها لا تزال مرغوبة، وأن زوجها لا يزال على حبه لها وكلفه بها فتنسى بكلمات طيبات منه كل هموم الأسبوع ومتاعبه.
والعجيب أن أهمية هذه اللحظات القليلة الساحرة تغيب عن بعض الأزواج حتى الذين يدعون أنهم يحبون زوجاتهم ، ذلك لأن هذا النوع من الأزواج بمجرد أن يضع زوجته في القفص الذهبي وقد تسميه بعض الزوجات بالسجن المقدس ينسى أن لها حقاً عليه ولا يتذكر إلا واجباتها نحوه فقط ، فإعطاء الشرع للزوج حق ألا تخرج زوجته من البيت إلا بإذنه لا يعني أن يستغل الزوج هذا الحق فيحكم عليها بالسجن داخل البيت ، ولا يحسب حساباً لحقها في الترويح عن نفسها بالخروج معه أو مع أولادها أو زيارة من تعرف بمعرفته ، فإذا احتملت الزوجة واحترمت مشاغل زوجها في أوقات عمله وكده من أجل عيشه وعيشها ، فإنها لن تحتمل أن تراه يقضي كل ساعة فراغ خارج البيت مع أصحابه خاصة في ليلتي الخميس والجمعة حيث يعمد بعض الأزواج إلى السهر المتأخر تاركين زوجاتهم وأولادهم يعانون الضيق والكآبة بين أربعة جدران أو يشاهدون أحد الجيران قد اصطحب زوجته وأولاده وانطلقا بالسيارة بعيداً عن البيت!
إن زوجاً من هذا النوع عليه أن يعيد التفكير في القوامة التي أعطاها له الله من فوق سبع سماوات وأن يتقي الله في أهله ، وأن يتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( إن لأهلك عليك حق))، وليعلم أن حق خروجها بإذنه لا يعني تجاهل مشاعرها ورغباتها وحبسها ، لا يخرجها إلا بمزاجه ورغبته وإرادته وحده.
إن قوامة الزوج على المرأة وطاعتها له التي أوجبها ديننا الحنيف لا تلغي الشراكة التي بينهما التي تستوجب احترام مشاعرها ورأيها وعدم التحكم فيها بما ينفرها منه أو يكرهها فيه لتسلطه وأنانيته ، فمثلما أنه واجب على الزوجة أن تطيع زوجها فعلى الزوج أيضاً أن يعبر عن احترامه لها بتنفيذ بعض ما ترغب فيه مثل الفسحة في مكان معين أو اشتهاء وجبة معينة وغيرهما من الأمور التي لا ضرر فيها على الزوج اللهم إلا التعود على احترام رغبة زوجته ، وهو أمر إذا ما شعرت به الزوجة أكبرت به زوجها وزادت من حبها وتقديرها له.
الحياة الزوجية مودة ورحمة ، وأخذ وعطاء ، وعدل ومساواة وتراض وإحسان ، وليست أوامر وخضوع وإرهاب للطرف الآخر
مـ نـ قـ و لـ
