طرب سي دي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

طرب سي ديدخول

«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»أغـانـي وصـور وأفـلام وشـخـصـيـات ونـجـوم وكـلـيـبــات«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»


descriptionوحيدة تحت المطر Emptyوحيدة تحت المطر

more_horiz
(( وحيدةٌ تحت المطر))



قلبي يعصف بي كما تعصف الريح بليلتي هذه ... ولكنني ورغم تساقط المطر امتعنت عن البكاء... فكيف لي أن أبكي
وهذا يمسك طرف ثوبي وتلك تشدني من أصابعي... تسائلني: ماما،ماما ، أين سنذهب؟؟ .. وكأن جبلاً تفتت بداخلي...
وكأن أطياف القوة تبخرت من آناء روحي... وطفلٌ صغيرٌ أسند رأسه لصدري يستمد منه أماناً تبدد من داخلي... المطر يتساقط بسرعةٍ جنونية ...
و خطراتي تسحبني بعيداً حيث توقفت الساعة .... أتمنى لو تبلعني الأرض بعيداً... أو تطفئني الأمطار كشمعةٍ دون مأوى...
تُلح عليَ بسؤالها ضاغطةً على أصابعي: ماما،، إلى أين سنذهب؟؟ ... يتلعثم لساني... كأن السؤال يصفعني لأستفيق... جلستُ على التربة الثائرة
فثرتُ معها باكية... ضممتهم إلى صدري وبكيت ُبلا انتهاء... إلى أين آخذكم؟؟؟ إلى أين آوي بكم؟؟؟

تحت ظل شجرةٍ أوينا... أسندتُ جسدي وضممتُ أطفالي في حضني نلتمس من بعضنا دفءاً بددته الرياح بقوتها
والساعات بقسوتها.... صغيري الذي ما بلغ من العمر سوى ثلاثة أشهر قد مسه البرد وارتفعت حرارة جسده ... ارتعشتُ خوفاً... أكاد أتساقط ألماً... الخوف يعصف بي...
ركضتُ في المطر أجر خلفي طفلاي المتعبان.... يكاد قلبي يسقط من بين ضلعيَ... أسرعتُ أطلب سيارة أجرة... لا أملك من النقود شيئاً سوى قرطين ورثتُهما من والدتي...
هما كل ما أملك من بقاياها... عزيزان عليها... يعز عليَ أن أُتخلى عنك ِ يا ذكرى أمي... لكنني لا أملك شيئاً... لا أملك بعد الله سواهما وسوى ذكرى منها ومن صبرِها أقوي نفسي بها...
وخيوطاً من الأمل أُعزي نفسي بها...

وطأتُ أرض المشفى أتخبط فيها دون وعيٍ مني... أجر خلفي طفلين نكس التعب رأسيهما... وأحمل بين ضلعي طفلاً يكاد يموت....
أخذت الطبيبة الطفل من بين ذراعي... لا أعلمها هذه المشاعر التي تنتابني... وبينما استسلم الطفلين للنوم على كراسي الانتظار...
كنتُ قد انهرت تماماً... تهاويتُ على الأرض أندب نفسي... بل أندب الأيام ما صنعت بي: إلهي... ماذا ذنبهم أن والدهم رجلاً لا يخاف الله؟؟
ما ذنبهم أنه رحل دون أن يترك لهم حتى كسرةً من خبز؟؟؟ ما ذنهبم يا إلهي؟؟ إنك ألطف من أن تضيع أطفالاً بائسين لا حول لهم ولا قوة؟؟
هو بلاءٌ منك إلهي فأعنني على الصمود؟؟ ألهمني الصبر...

لمن ألجأ و أنا في أرضٍ لا أهل لي فيها ولا أصحاب؟؟ كيف سأطعمُ أطفالي؟؟ وأين سيرقدون؟؟
أفي العراء سأتركهم؟؟ أي أمٍ أنا وما أملك في الحياة سواهم؟؟ وسوى قلقٍ يأكل قلبي عليهم؟؟
وحيدةٌ كعادتي... ابتلاني القدر بزوجٍ مدمن للكحول... تزوجته طوعاً لأمر والدي المتسلط... ما بي أتذكر ذلك؟؟
كأن شريط حياتي يمر بمخيلتي... طفولةٌ قاسية وفُتات أحلامٍ داستها أقدام القدر... منذ بلغت الخامسة عشر من عمري
وأنا أنفذ أوامر والدي ... زوجني فتاةً صغيرة من أول شخصٍ طرق باب منزلنا... يردد في أذني جملته المعتادة:
( الزواج ستر للبنت) ... أنجبت طفلتي الأولى منذ العام الأول من هذه الزيجة... ألوذ بأمي كل يوم... أشكو لها زوجي السكران.... أعود لها كل يوم والكدمات تغطي جسدي...أعود لها كل يوم كالذبيحة الفارة من الموت... ووالدي يُعرض عني ويحملني إلى منزل زوجي مجدداً ( الحرمة ما لها إلا بيتها وزوجها) ... طفلتي الأولى أنجبتها وأنا في السادسة عشر من العمر (سمر) ... الفتيات بعمري كُن يدرسن ويتعلمن ويمرحن مرح الطفولة بينما كنت أُسلي نفسي بطفلتي... أصبر لأجلها... وأتناسى بها شقائي... في ذلك العام توفي والدي... ووالدتي المسكينة ابتُليت بشتى أنواع الأمراض... ثم وبعد أشهر معدودة كنت قد حملت بابني (أحمد) ... وما تمنيت أن أنجبه... خوفاً من الأيام ما ستحمل لهم مع أبٍ سكير وأمٍ مغلوبةٍ على أمرها... استسلمت للقدر وما كتبه لي وأنجبت ولدي الثاني ... و الأيام تمضي بقسوتها ... وتزداد تعقيداً... تُمطرني ألماً... وأسكن فيها شتاءاً رغم الشمس المشرقة.... توفيت والدتي وبقيت وحيدةً مع زوجٍ يضربني ويروع أطفالي... كنت أعمل في الخياطة لأعيل نفسي وأطفالي... وكان يضربني ليأخذ مني ما أُخبئه لهذين الطفلين المسكينين... لربما أطعمهما خبزاً ... أكسوهم كما يكتسي الأطفال... أو أصنع لهم من أقمشتي دميةً يفرحون بها... أخذ مني كل ما أملك... حتى منزل والدي الذي ورثته بعد وفاة والدتي... يعود لي يوماً ليخبرني أنه آسف وأنه تاب... يعدني بأنه سيعوضني عن كل شيء... فأصفح عنه لأجل أطفالي مع أملٍ بأن الأمور ستغدو على ما يرام... ثم نعود كما نحن ومع طفلنا الثالث( علي)... وها أنا اليوم وحيدةً مع هؤلاء الثلاثة وقد ألقت المحكمة القبض عليه بتهمة حيازة الخمر والمتاجرة به... وها هو صاحب البيت يطردنا لأننا لم ندفع أجار البيت منذ خمسةِ شهور....
فماذا عساي أن أفعل؟؟؟

descriptionوحيدة تحت المطر Emptyرد: وحيدة تحت المطر

more_horiz
بسم سيد الأراضي والبحار
وبعد الصلاة على محمد وآله وصحبه الأطهار
فلنبدأ
يسير الزمن دون توقف وتتبختر عقارب الساعة :
بين الآه والآه ونةٌ تعزف لحن الحيرة بقيثارة روحي... وبين اللحظة واللحظة مسافة يقطعها عُقرب الساعة ببطءٍ شديد... و بين روحي وجسدي مسافةٌ من الخوف تفصلهما... وعلى غير عادة تغرق الروح ويطفو الجسد..
هو خوفٌ من الساعات المقبلة يلتهمني كفريسةٍ حية... هي حيرةٌ تطعن قلبي بسكينٍ حادة مراراً ومراراً... وعلى أرجوحةٍ مقطوعة تتأرجح أفكاري على غير هدىً ... فلا أصل إلا إلى المكان ذاته وهو الخوف مجدداً...

يومين قضيتهما مع أطفالي في المشفى متذرعةً بعذري الواهي وهو أنني لا أملك من يهتم بطفلَي،، وأنني لا أستطيع أن أترك صغيري في المشفى لوحده... ولكني ما ازددت في هذين اليومين إلا ألماً وخوفاً... وها هما ينقضيان ... وها أنا لا أملك مكاناً ألتجأ إليه... يُخبرني الطبيب بأن إبني بخير و بأن الوقت قد حان للخروج من المشفى... أتمنى لو أخبره أنني أريد المكوث أكثر... أحتاج إلى مكانٍ لينام فيه أطفالي... ودون إدراكٍ مني أخذت أتوسله... أخذت أتضرع أمام قدميه: أرجوك دعني أمكث وأطفالي هنا... يومين آخرين فقط... لا أملك مكاناً آخذهم إليه...تهاويتُ أمام قدميه لعله يُشفق علّي أو على أطفالي... وما كان ذلك إلا انهياراً لجبلٍ صمد كثيراً وتفتت أخيراً...

وبعد أن سكبت ماء وجهي وتضرعت أمامه لمساعدةٍ ما كنت سأطلبها من أحدٍ يوماً... وبعد أن هدأتُ من ثورةِ تحطمي أمسكت بيد أطفالي وخرجت من المشفى متنزهةً عن عطايا أهل الأرض ...خرجتُ أجر أطفالي و أسير بهم دون وجهةٍ محددة... أُلهيهم بقولي: لن أُخبركم إلى أين نحن ذاهبون إنها مفاجئة... يفرحون كثيراً ... و أبتسم معهم لأبدد عنهم أي خوف... أخذتهم إلى حديقةٍ قريبة ...تركتهم يلعبون ... يتأرجحون ويركضون... فقط لأدفع عن بالهم كل التساؤلات التي أعلم أنني لن أستطيع أن أجيبها بغير الصمت ... وكلما رأيت الابتسامة تعلو وجوههم والضحكات تملؤ أفواههم أتنهد بعمق... يركضون نحوي: ماما اشتري لنا من ذاك الحانوت بعض السكاكر... يعتصر قلبي ألماً... وضعت يدي في جيبي ... لا أملك من المال سوى قطعتين نقديتين ... يُنقذني أذان العشاء: للأسف سيغلق الحانوت الآن سأشتري لكم فيما بعد...

ذهبتُ معهم إلى أحد المساجد القريبة لأطلب العون من سيد الأرض والسماء... سجدتُ لله خشوعاً... أتوسله بكل خلاياي الرحمة... أسأله العون ... :

(( إلهي وخلاقي وحرزي وموؤلي إليك لدى الإعسار واليسر أفزع
إلهي ترى حالي وفقري وفاقتي وأنت مناجاتي الخفية تسمع
إلهي لإن لم ترعني كنت ضائعاً وإن كنت ترعاني فلسن أضيع))

انكمشتُ في حضن المسجد وضممت إلي أطفالي... وما إن غفوت تقدمت نحوي سيدةٌ اتشحت بلباسٍ أسود ... تقدمت نحوي ببطء تبعتها فأشارت بإصبعها من النافذة على أحد المباني وما استطعت أن أقرأ اللافتة التي عُلقت عليه ... رحلت السيدة ولحقتها أناديها... لكنها تلاشت بعيداً... استيقظتٌ جزعةً ... نظرتُ من نافذة المسجد و قرأت اللافتة المعلقة:

(( دار الأمل لكفالة الأيتام))


descriptionوحيدة تحت المطر Emptyرد: وحيدة تحت المطر

more_horiz
:3rbawy_40:
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد